الاستشاري فراس شحادة : الاقتصاد السوري يعاني من الركود ولابد من خفض الضرائب وضبط الانفاق .. اقتراح بتشكيل هيئة استشارية عليا تضم خبراء من كافة القطاعات

الاستشاري فراس شحادة : الاقتصاد السوري يعاني من الركود ولابد من خفض الضرائب وضبط الانفاق .. اقتراح بتشكيل هيئة استشارية عليا تضم خبراء من كافة القطاعات


إعمار سورية :
قال استشاري تطوير الأعمال وإدارة الاستثمار فراس الشحادة إننا اليوم في حالة ركود اقتصادي واقع ما بين المطرقة والسندان (التضخم وضعف الدخل) والكل يعلم ذلك والأسواق تشير بوضوح إلى هذه الحالة من الركود الذي أدى إلى انخفاض بالطلب العام وصولاً إلى تراجع الاستهلاك وهذا التراجع غير مشجع على دخول الاستثمارات مما أثّر على الإيرادات من الضرائب، والدليل أن الحكومة من خلال مسؤوليها تصرح بشح الموارد بسبب الركود الاقتصادي

اللاتفرد واللامركزية

ويؤكد شحادة أن تعافي الاقتصاد السوري لا يتم بقرار فردي، أو مركزي، أو قانون أو تشريع بل من خلال القيام بمجموعة أعمال مرتبطة مع بعضها البعض وبالتشاركية مع كل مكونات الحياة الاقتصادية عمادها اللاتفرد واللامركزية، ومن الحلول التي يجب على الحكومة أن تعمل عليها برأي شحادة هي: خفض الضرائب وزيادة الإنفاقات أي ( البرامج – المشاريع) والذي من شأنه أن يخفف من مرحلة الركود ومن الممكن أن يؤدي إلى إنقاذ الاقتصاد والعودة إلى مرحلة الانتعاش من خلال تشجيع دخول الاستثمارات.

واقترح الاستشاري تأسيس هيئة استشارية عليا “سمارت” تضم جميع الخبرات من أفراد وشركات ومؤسسات وهيئات ومنظمات وجمعيات علمية واقتصادية وتجارية وصناعية ومهنية. مهمتها بناء الاقتصاد السوري، بالإضافة إلى تحويل شركات ومؤسسات القطاع العام ذات الطابع الاقتصادي إلى شركات مساهمة مغفلة عامة وإدراج أسهما لاحقاً في سوق دمشق للأوراق المالية أو تطوير عملها وفق نظام الـ BOT على أن لا يتم التخلي عن العاملين فيها، وتفعيل دور القطاع المشترك في العمل لما كانت التجارب السابقة ناجحة في ذلك.

كما دعا شحادة إلى الاستفادة من استثمار الأصول العائدة للقطاع العام ذات المواقع الإستراتيجية والهامة لإطلاق مشاريع استثمارية وحيوية بالتشاركية مع القطاع الخاص، ودعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر وهي جزء لا يتجزأ من عملية التعافي الاقتصادي، خاصة وأن هناك دول قائم اقتصادها على المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، مؤكداً على ضرورة تفعيل دور مجالس الإدارة المحلية وتطوير أعمالها بالأفعال لا بالأقوال لتتحول إلى وحدات اقتصادية منتجة وفاعلة وبالتشاركية مع تحويل دور مؤسسات المجتمع الأهلي والخيري إلى دور تنموي دور فاعل وخروجها من قوقعة الدعم الغذائي فقط.

المعوقات كثيرة

وبخصوص المعوقات التي تقف في وجه تعافي اقتصادنا وعودة عجلة الإنتاج للدوران، يرى استشاري تطوير الأعمال وإدارة الاستثمار أن أول المعوقات تكمن بالذهنية التي تدار بها الإدارة الاقتصادية للبلد، حيث طرق التفكير لا زالت كلاسيكية لا تحمل حلولاً إبداعية، إضافة إلى استمرار العقوبات الاقتصادية الصارمة، بل والأخطر -بحسب شحادة- هو شماعة العقوبات التي نحمّل عليها كل المشاكل التي نعاني منها، إضافة إلى عدم ثبات سعر الصرف، وضعف دخل الفرد، وبالنتيجة ضعف القوة الشرائية، والكتلة الكبيرة لموظفي القطاع العام، وغياب دور المكتب المركزي للإحصاء وعدم تطوير آلياته ومهامه وأهدافه مع متطلبات واحتياجات المرحلة الحالية والمستقبلية، ويضاف إلى كل ما سبق هجرة اليد العاملة وهجرة الكفاءات العلمية والعملية، وغياب البيانات الشفافة والإحصائيات الحقيقية التي تعتمد على مؤشرات صحيحة.

تساؤلات مهمة

وفيما يخص قانون الاستثمار الحالي ومدى قدرته على جذب المستثمرين، بيّن شحادة أن قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021 تم صياغته من خلال دراسة مجموعة كبيرة من القوانين الاستثمارية في الدول المجاورة وتجارب دول متعددة صديقة وغيرها.

وبرأيه أن هناك جملة من الأسئلة يجب أن تكون حاضرة على طاولة الحكومة من أهمها: ما هي مخرجات قانون الاستثمار منذ صدوره حتى الآن ومدى انعكاسها على الاقتصاد السوري، وكيف يتم العمل على تسويق جذب رؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية والداخلية، وأين هي البيئة الاستثمارية التنافسية الجاذبة، وكيف يتم العمل على بنائها، وأين المناطق الاقتصادية التي أحدثت بموجب قانون الاستثمار والتي حددها القانون؟؟.

وأوضح شحادة أن الاستثمار يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالعملية المصرفية التي تساهم ببناء البيئة الاستثمارية الجاذبة من خلال تسهيل ومنح القروض الاستثمارية، مشيراً إلى أن المصارف العاملة لدينا هي مصارف تجارية بعض منها في القطاع العام تعمل بمفهوم المصرف الاستثماري ومنها المصرف العقاري والمصرف الصناعي، لافتاً إلى أنه منذ صدور قانون إحداث المصارف الاستثمارية حتى تاريخه لم يؤسس أي مصرف استثماري، وتأكيد على ذلك دور الذهنية والسياسة النقدية المتبعة وأن المشروع الاستثماري لا يكفل نفسه بنفسه، حيث يحتاج لمن يؤسس لمشروع استثماري إلى ضمانات عقارية خارجية تتجاوز قيمها أضعاف مضاعفة للمشروع، ورغم صدور القرار 433 عن مصرف سورية المركزي في العام المنصرم الذي رفع إلى حد ما سقوف القروض المتعلقة بالاستثمار، لكن و-برأي شحادة- أن القروض الاستثمارية الممنوحة لا تشكل أي نهضة استثمارية قوية داعمة وهذا يعكس التوجه الحكومي للاستثمار، موضحاً أن الاستثمار الداخلي يعاني من نقص في حوامل الطاقة ونقص في اليد العاملة، ومن تذبذب سعر الصرف والتخبط في القرارات الحكومية، إضافة إلى بعد المناطق الصناعية والذي يتأثر بضعف القوة الشرائية وحركة الأسواق وحركة السيولة النقدية، وكل ذلك برأيه يؤثر كثيراً على جذب المستثمرين من الخارج، مؤكداً أن أهم محفزات تشجيع الاستثمار هي العمل على تنشيط التجارة لتكون أرشق وأسرع، وتنشيط الاستيراد والتصدير معاً، وخفض تكاليف الإنتاج، وتحرير الأسواق، ودعم المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، وتمثيل الوكالات العالمية التي تبحث عن أسواق لها تجاربها على أن تكون البداية بالتمثيل بالتجارة ومن ثم التصنيع الذي يأتي نتيجة لدراسة السوق الحقيقة والواقعية لها.

لا يمكن التبوء

وحول تصوره للهوية المفضلة للاقتصاد السوري في المرحلة المقبلة، اعترف شحادة أنه لا يمكن التنبؤ بالهوية الأفضل للاقتصاد السوري المعقد فلكل له وجهة نظر مغايرة ومبنية على أسس خاصة وليست عامة، وبرأيه أن تحديد الهوية مرهون بحجم البيانات المتوفرة والدراسات المعمقة، ودراسة القرارات والتشريعات وانعكاساتها ومخرجاتها على هوية الاقتصاد السوري وذلك من خلال إعداد استبيانات موجهة للمعنيين عبر منصات رقمية وليس واجهات رقمية بسيطة تعتمد في تحليلها على الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن حاجتنا لمعرفة وتحديد هوية الاقتصاد تبدأ من جمع البيانات المعلومات ومن ثم تحليلها رسم السياسات الحقيقية والإستراتيجية ومن ثم إصدار القرارات أو التشريعات واختبار تلك القرارات أو التشريعات، بشرط ألاّ يضيع القانون أو القرار بتعليماته التنفيذية ويصار الاجتهاد في التفسير إذ من الضروري في ظل هذه الظروف أن يعطى مهلة لتفعيل القرار أو القانون أي بيان إمكانية وقابلية تنفيذه.

ولأجل تحقيق ذلك اقترح شحادة تشكيل هيئة استشارية تضم جميع مكونات قطاعات العمل يكون من مهامها معرفة ودارسة الواقع الحالي ( أين نحن الآن) وتحليل نقاط القوة ونقاط الضعف ومعرفة الفرص المتوافرة، إضافة للتهديدات والمخاطر لنعرف بالنتيجة إلى أين نذهب وفق رؤية وأهداف مصاغة بذكاء ومستندة على الطموحات والاحتياجاj>

صحيفة البعث